الموضوع الرئيسي

أعزائنا الأعضاء والزوار:
:تقدم أحد أعاء هذا المنتدى بمساهمة عظيمة وهي قصيدة للشاعر العراقي بدر شاكر السياب وهي قصيدة المطر التي اختلف الكثير من النقاد في تفسيرها وفي فهم معانيها العميقة ومعرفة ما وراء ستار كلماتها :
فهل اقتصرت القصيدة على الزخرفة اللفظية وقوة الإبداع الفني لدى الشاعر ؟
أم جاءت كلماتها لتصف حال العراق وصفا ماديا كان نتيجة ظروف مر بها الشاعر ؟
أم حمل الشاعر كلماته معان أخرى أكبر وأعمق ,كان علينا قراءة مابين السطور وأن نرسم قصيدته أمامنا حتى نعلم عبراته ومآسي شعب العراق؟
أنا من وجهة نظري أرى أن الاحتمال الثالث هو الأقوى لأنني عندما قرأت القصيدة شعرت بأن الكلمات التي كتبت في أربعينيات القرن الماضي مازالت تقف أمامنا وتتحدانا وتبرز لنا صحتها حتى في هذا الوقت ....أي بعد حوالي أكثر من نصف قرن ...... وأرى مثال ذلك قوله :

وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يربها الفرات بالندى
وأسمع الصدى
يرن في الخليج
مطر......مطر......مطر...

أنا أرى بوصف الشاعر " ألف أفعى تشرب الرحيق .." تجسيد كامل للواقع العراقي والجوع الدائم الذي يلفه وكأن الشاعر الآن معنا يشاهد واقع العراق ويشاهد عذاب الشعب العراقي تحت الاحتلال ومشاكله ......
ولا أظن بأن هذه القصيدة كتبت بمحض الصدفة أو غير مقصودة كما يتراءى للبعض لأنني شخصيا " في كتابة الشعر وفي مجال الأدب " وضعت السياب من أعظم الشعراء على لائحتي ...... وسأشرح لكم السبب :

أنا بالنسبة إلي منذ بداية تتبعي للشعراء والقصائد أردت أن أختار منهم فوضعت معيارا بعد قراءتي المعمقة لهم وخلصت بنوعين :
1- شعر مادي : بالنسبة لي كالشعري الغزلي المادي ومواضيع الوصف التي تتناول الربيع و الطيور والحيوانات وغيرها ..... وقد رأيت فيه رغم قوة إبداعه شعرا لا يلائم الروح الإنسانية بل يلائم الكلام والمناقشات والعقل والتفكير والتعمق و إن كان في شيء علمي أم لغوي بحت .. كالزخارف اللفظية والفنون البديعية ........
2- شعر معنوي أو روحاني يصف الشاعر فيه خبايا نفسه وربما عثراته وبنظري غالبا ما يكون نابعا عن الحزن أو الظلم أو المشاعر القلبية الخالصة المجردة من كل التفكير والعقل هي فقط وحي قلبي وأرى أن السياب كان من النوع الثاني الأكثر جمالا وتأثيرا في النفس وربما إلى درجة البكاء.........وإليكم مثالا آخر من قصائد السياب منتهج هذا النهج الرائع بالنسبة لي :

القرية الظلماء خاوية المعابر و الدروب
تتجاوب الأصداء فيها مثل أيام الخريف
جوفاء ....... في بطء تذوب ..
واستيقظ الموتى ..... هناك على التلال على التلال ..
الريح تعول في الحقول .. وينصتون إلى الحفيف
يتطلعون إلى الهلال
في آخر الليل الثقيل ....... ويرجعون إلى القبور ....
يتساءلون متى النشور؟؟؟
والآن تقرع في المدينة ساعة البرج الوحيد
لكنني في القرية الظلماء........في الغاب البعيد....

إذا تمعنت جيدا في هذه القصيدة سترى صحة ما قلته ....... وهناك قصائد كثيرة في الشعر العربي ومنها :
قصيدة .... عابرون في كلام عابر لمحمود درويش حيث يقول في جزء منها ......

أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف .... ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار ... ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى .... ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز ... ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص وانصرفوا
وعلينا نحن أن نحرس ورد الشهداء
وعلينا نحن أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة......

ومثل هذه القصائد الكثير (التي تشعرك بالعاطفة) كقصيدة ترصيع بالذهب على سيف دمشقي لنزار قباني
وقصائد لمحمود درويش و سميح قاسم وقصائد أخرى لأبي فراس الحمداني في أولاده وبكاء أمه وسجنه وعذابه..... أو كقصيدة ابن زريق البغدادي التي مات بعدها .......
أعتقد بأن هذه القصائد هي التي تسمى بالقصائد الخالدة أو بالشعر الفكري الخالد ولكنني مازلت أتساءل :
لو أننا طبقنا محتوى هذه القصائد كقصيدة المطر في العراق أما كنا تجنبنا الجوع والاحتلال ؟
لو أننا أحسسنا بألم الشعراء العراقيين والفلسطينيين وساعدناهم أما كنا نشرنا السلام الذي هو مطلب الجميع ؟
لو أننا طبقنا محتوى هذه القصائد لما كانت فئة من الشباب العربي في العصر الحالي رغبت عن الأدب والشعر العربي والماضي القديم وانتقلت لقراءة والتخلق بخلق الأدب الروسي أو اليوناني القديم " رغم جمال هذين الأدبين لكن شبابنا أحق بأدبنا القديم والعريق وليس بغيره " وأنا أعلم الكثير منهم ولكنهم ربما محقون لأننا أهملنا كل شيء حتى لغتنا ؟؟
لو أننا طبقنا محتوى هذه القصائد لما انحدرت لغتنا الآن وأصبح شعرائنا اليوم قلة بل أصبحوا قليلين جدا وما عاد للغتنا أي أهمية فكرية أو علمية و لربما أصبحت لغتنا الآن في نظر الكثير من المنظمات لغة ميتة وللأسف ؟
لو أننا طبقنا محتوى هذه القصائد لما كانت عقول البعض أفرغت وأصبحنا ننطق كلمة بالعربية العامية وأخرى بالإنكليزية واثنتان بالفرنسية رغم أن الدول في الخارج لا ينطقون بكلمات عربية لحماية لغتنا....
إن لم نتعلم من شعرائنا ومن دروسهم ألا نتعلم من الشعوب الحالية ودفاعها عن لغتها ووجودها كالشعب الصيني أو الهندي أو الألماني مثلا....
إنني أتكلم هكذا من حزني لأن الشعر في أيامنا هذا فقد كل قيمه فأحببت أن أنشئ هذا المنتدى لبث الروح فيه .......
وأتمنى عليكم من كل قلبي أن تنتبهوا إلى هذا وتشاركوني في آرائكم وأن تحاولوا الإجابة عن أسئلتي لأنني لم أعرف الإجابة.........
وأرجو من كل الزوار أن يبدوا بآرائهم دون تردد ....... وهذا الموضوع سيكون إن شاء الله الموضوع الرئيس في المنتدى فأرجو من الجميع الرد عليه والمساهمة .....
وإن شاء الله في الأيام القادمة سوف نكمل الحديث وسأبعث لكم بالقصائد كاملة .....وسوف أجعل امكانية تحميل الكتب العربية والشعرية من المنتدى ...وأولها إن شاء الله الكتاب الشهير كتاب رسالة الغفران لأبي العلاء المعري.........
وشكرا لكم .... وبانتظار الردود والمساهمات ............

أعتقد أنا بأن تصنيفك للشعر تصنيف []
شخصي ومنهج شخصي في القراءة وهو جيد فدائما الشعر هو مرآة لعكس صورة المجتمع أو نفسية الشاعر ويكمن إبداع الشاعر بالدمج بين صورة المجتمع ونفسيته وهذا فعليا واضح في الصنف الثاني .......
هذا لا يعني بأن أشعار الوصف والغزل المادي ليست إبداعا بل تبقى هي زاد من الكلمات والتراث والفن الشعري ولكن الصنف الثاني ( حسب تصنيفك ) دائما يتبع الخيال ويتنشق العواطف ودائما هذا الشعر هو المنتشر في مشاعر الناس .... فالشعر برأيي مازال المعلم والموجه لكل البشرية حتى في الأدب العالمي لم يخلد الشعراء والكتاب إلا بفكرهم وخيالهم وليس بمصالحهم المادية ودليلا على ذلك مثلا قصيدة ( عابرون في كلام عابر) لمحمود درويش التي دافع فيها عن الحق وعن الشعب الفلسطيني وسوء المحتلين وتجد فيها أيضا في الوقت نفسه ألم الشاعر وحزنه وانفعاله وأنت تقع بين خيال الاثنين وتحس بحرارة عواطف الشاعر المعنوية من جهة وتتخيل الجوانب المادية من ]جهة أخرى......
عابرون في كلام عابر
أيها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسمائكم وانصرفوا
اسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا
واسرقوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة
وخذوا ما شئتم من صور كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف ومنا دمنا ........
منكم الفولاذ والنار ومنا لحمنا....
منكم دبابة أخرى ومنا الحجر .............
منكم قنبلة الغاز ومنا المطر ........
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا .....وانصرفوا
واخلوا حفل عشاء راقص وانصرفوا
وعلينا نحن أن نحرس ورد الشهداء
وعلينا أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المّر مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا قمح نربيه ونسقيه ندى أجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا :
حجر أو حجل
فخذوا الماضي إذا شئتم إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد إن شئتم
على سحن الخزف
فلنا ما ليس يرضيكم : لنا المستقبل
ولنا في أرضنا ما نعمل
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة... وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى المسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا وانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم وطن ينزف شعباً....ينزف
وطناً يصلح للنسيان والذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
وتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي والحاضر والمستقبل
ولنا الدنيا هنا ....والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا ............من بحرنا .......
من قمحنا ..من ملحنا..... من جرحنا
من كل شيء واخرجوا
من ذكريات الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة !.......

عزيزي Deliverance من المعروف جدا أن الأدب يتكون من فرعين أساسيين هما النثر والشعر وكل ما بينهما من روابط .......
أن الأدب كما يقول الدكتور شوقي ضيف بأنه ظاهرة طبيعية ولكنه ظاهرة طبيعية يظهر كل شيء بارز فيها على أنه باطن وهنا يكمن سحرها وجمالها .....
لذلك أظن أن الأدب هو ظاهرة تخاطب العواطف بسبب نزعتها للخفاء لأن العواطف غامضة ولا يستطيع أحد أن يلتمس عواطف غيره بالمقدار نفسه الذي يلمسها صاحب العاطفة أو القضية .....
لذلك أرى أن الشعر يغلب في معظمه إلى الشعر العاطفي المعنوي الذي يخاطب القلب والشعور والسبب أن في -غالب الأحيان- يلجأ الشاعر إلى لغته وأشعاره عندما يقرع في نفسه شيء من التغير إن كان نحو الأفضل كشعور أو مادة أو يلجأ إلى الشعر عندما يتعرض لنكسة أو نكبة أحب للطبيعة أو غيرها .......
ولكن الرؤية لبعض القصائد على أنها قصائد مادية بحته نابعة من عدة أمور أظن أن من أهمها : المواقف اللفظية في القصيدة ذاتها فعندما يصف مثلا الشاعر عصفورا ً حزينا ً ومتألما ً يعلل ذلك بأن العصفور حزين على الأزهار التي قطفت أو الأطيار التي قتلت كلغة ظاهرة بينما نراها نحن بأنها تصوير أعمق يدل على نفسية الأديب إن كانت حزينة أم لا كئيبة أم فرحة متمردة أم خاضعة ...... وهكذا حسب المشهد المصور .....
فربما تكون القصائد المادية في نظرك هي الخالية من هذا الشعور أو التي تحوي شعورا ضعيفا أو مادة أخرى مختلفة ......
ومن ناحية أخرى يمكن أن نعيدها إلى نفسية القارئ ومتى تأثره بها ومدى انعكاس القصيدة على مجرى حياته أو مطابقة لها .....
وهنا تكمن موهبة الشاعر في جعل كلماته وأفكاره تلامس أفكار غيره ... وتحمل بين ثناياها مشاعر غيره وذلك حسب مزاجية الشاعر أيضا ً إن كان حزينا يسهل عليه إيصال مشاعر الحزن إلى غيره مثلا وهكذا ........ وذلك لأن الكاتب لايرتبط في أفكاره الكذب والصدق بينما يربطهما في مشاعره وعواطفه ....

وشكرا ً لكم رغم أن حديثي كان مطولا ..... J ...

موضوع: رد الأحد فبراير 10, 2008 4:39 pm

أود أن أشارك معكم في موضوعكم هذا........
سأتحدث في البداية عن القصيدة الرائعة لبدر شاكر السياب حيث أرى فيها سمة القصيدة الخالدة .....
فخلودها يأتي من أنها صالحة لكل زمان ومكان وتصف حالة العراق في زمن كتابة القصيدة في أربعينيات القرن الماضي وتصف حاله في القرن الحديث .....
لاحظوا معي قوله في القصيدة عينها:

أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
و يخزن البروق في السهول و الجبال
حتى إذا ما فض عنها ختمها الرجال
لم تترك الرياح من ثمود
.في الواد من اثر

ويقول متابعا.........

وفي العراق جوع
وينثر الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان و الجراد
و تطحن الشوان و الحجر
رحى تدور في الحقول … حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكم ذرفنا ليلة الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوف أن نلام - بالمطر
مطر
مطر
و منذ أن كنا صغارا، كانت السماء
تغيم في الشتاء
،و يهطل المطر
وكل عام - حين يعشب الثرى- نجوع
ما مر عام و العراق ليس فيه جوع
مطر
مطر
مطر

فالعراق على مر العصور رغم الخيرات الكثيرة فهو يعاني الجوع وظلم الغربان والجراد الذين قصد بهم في عصره الإقطاعيين..............
أما بالنسبة إلى القصائد الخالدة :
فالقصيدة الخالدة برأي هي القصيدة الصالحة لكل زمان ومكان وليس من الضرورة أن تكون القصيدة مادية أو حتى معنوية
فالقصيدة مادية أيضا هي القصيدة خالدة ففي قصيدة امرؤ القيس وصف الفرس وصفا ماديا جميلا واعتبرت قصيدته من القصائد الخالدة و إليكم بعضا منها :
وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هيكل
مكر مفر مقبلا مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
كميت يزل اللبد عن حاله متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل
مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن غبارا بالكديد المركل
على العقب جياش كأن اهتزامه إذا جاش فيه حميه على مرجل
له أيطلا ظبي وساقا نعامة وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
وهو وصفا رائع لفرسه الأشقر ,فقد صور سرعته تصويرا بديعا وهو لشدة سرعته وحركته يخيل إليك كأنه يفر ويكر في الوقت نفسه وكأنه يقبل ويدبر معا وكانه جلمود صخر يهوي من ذروة الجبل وإن لبده لشدة حركته ليسقط عنه و ينزلق كما تنزلق الصخرة من المنحدر وهو فرس ضامر كأنه ظبي نافر فله خاصرتان نحيلتان وهو كالنعامة الخفيفة له ساقان ضئيلتان صلبتان ...................
أما القصيدة المعنوية فهي خالدة بحكم تعبيرها عن المشاعر الإنسانية لكنها تختلف من شخص إلى آخر.......
فقصائد نزار قباني تعتبر خالدة بالنسبة للبعض أما للآخرين فربما لا
أما قصائد تمجيد الأوطان وتعظيمها فهي من أكثر القصائد التي تعتبر خالدة كقصيدة خير الدين الزركلي في تمجيد وتعظيم بلده سوريا فيقول في مطلعها :
العين بعد فراقها الوطنا لا ساكنا ألفت ولا سكنا
أما ذروة القصيدة في نهايتها التي يقول فيها :
إن الغريب معذب أبدا إن حل لم ينعم وإن طعنا
لو مثلوا لي موطني وثنا لهممت أعبد ذلك الوثنا
وكذلك قصيدة نزار قباني في وصف القدس ووقصيدة الدمشقية وقصائد أخرى في وصف دمشق سأوافيكم بها.........
عموما فالقصائد الخالدة موضوع شائك وعميق...........

أولا ً أعتقد أنكم تتكلمون عن الشعر الوجداني بالمعنى العام له .....فهو الشعر الذي يعبر عن العواطف الجياشة لدى الشعراء ....
و عموما ً أغلب مواضيع الشعر تدخل أو تصنف في باب من أبوابه ولكن دائما ً بالنسبة إلينا يبقى السؤال عن كيفية الاستفادة من الشعر وربطه بالحياة العملية وبالواقع .............. Question

يمكن لنا أن نربط الشعر بالحياة العملية وإن أردت اليومية من عدة جوانب أولها : بأن الشعر لغة لتنمية العقل وفلسفته وجدليته من كافة النواحي ......
ثانيها : بأن الشعر ينمي العواطف والأحاسيس والخيالات فيصبح الفرد أقدر على مواجهة ذاته والتعبير عن آرائه وعواطفه ...
ثالثها : بأنه يدعم الذاكرة اللغوية ويمنعك من تأليف جمل خاطئة في اللغة أن كانت من ناحية الشكل أو المضمون .......
رابعها : اليوم كل شيء في حياتنا أصابه التلوث من هواء وماء وغيره حتى إن اللغات يصيبها التلوث والتصدع ولغتنا أصابها ذلك فأنا أظن بأننا نحمي لغتنا من التلوث عن طريق القراءات الصحيحة واللغة السليمة التي تنبع من الأدب بشتى أشكاله وهنا يكمن دور الشعر في دعمها والحد من اختلاطها مع اللغات الأخرى والقضاء على ضعفها وبالتالي محافظة أهلها على قوتها .
هذه فوائد الشعر بنظري كما أظن أن هناك جوانب أخرى تتكلم عن كيفية ربطه مع الحياة أظن بأن الأعضاء والمتابعين والقراء وملتمسي الشعر سيجدونها ويطرحونها ........... Laughing

تكلم العضو the azorian عن الشعر الوجداني أظن بأن القصائد تختلف باختلاف نفسية الشاعر ومزاجيته فمثلا الشاعر العباسي الكبير المكنى بأبي تمام له عدة قصائد تشرح ذلك
فمثلا ً :

هذه الأبيات تدل على حزنه وعاطفته التي عكسها على مشهد وصف الطيور التي جعل منظرها يتكلم عنه ثم قام بالدخول إلى موضوعه والتفصيل ونظم الشعر فيه :

يا طائِرانِ تَمَتَّعا هُـــــــــــنّيتُما	وَعِما الصَباحَ فَإِنَّـــني مَجهودُ
آهٍ لِوَقعِ البَينِ يا بــــــــنَ مُحَمَّدٍ	بَينُ المُحِبِّ عَلى المُحِبِّ شَديدُ
أَبكي وَقَد سَمَتِ البُروقِ مُضيئَةً	مِن كُلِّ أَقطارِ الســـَماءِ رُعودُ
إِنّي سَأَنثُرُ مِن لِســــــاني لُؤلُؤاً	يَرِدُ العِراقَ نِظـــــــامُهُ مَعقودُ
حَتّى يَحُلَّ مِنَ المــــُهَلَّبِ مَنزِلاً	لِلمَــــــجدِ في غُرُفــــاتِهِ تَشييدُ

وهذه أبيات تدل على للشاعر نفسه نشاهد فيها مدى اتساع معارفه وغزارة علمه ورجاحة عقله ونشاهد فعلا الجدلية والمنطق وفلسفة العقل عند أبي تمام والمستوى الفكري العقلي العالي البعيد عن العواطف :

مِن سَــجايا الطُلولِ أَلّا تُجيبا	فَصـــَوابٌ مِن مُقلَةٍ أَن تَصوبا
فَاِسأَلنَها وَاِجعَل بُكاكَ جَواباً	تَجِدِ الشـــــــَوقَ سائِلاً وَمُجيبا
قَد عَهِدنا الرُسومَ وَهيَ عُكاظٌ	لِلصِبى تَزدَهيكَ حُــسناً وَطيبا
أَكثَرَ الأَرضِ زائِراً وَمَزوراً	وَصَعوداً مِنَ الهَوى وَصَبوبا
لَعِبَ الشَيبُ بِالمَفارِقِ بَل جَد	دَ فَأَبكى تُماضِـــــــراً وَلَعوبا

وهذه الأبيات تدل على وصف بحت للطبيعة دون تدخل العواطف أو العقل ولكنها تعكس نفسيته المرتاحة المأخوذة بالجمال .....

رَقَّت حَواشي الدَهرُ فَهيَ تَمَرمَرُ	وَغَدا الثَرى فــــــي حَليِهِ يَتَكَسَّرُ
مَطَرٌ يـــَذوبُ الصَحوُ مِنهُ وَبَعدَهُ	صَحوٌ يَكادُ مــِنَ الغَضارَةِ يُمطِرُ
وَنَدىً إِذا اِدَّهَــــنَت بِهِ لِمَمُ الثَرى	خِلتَ الســـــِحابَ أَتاهُ وَهُوَ مُعَذِّرُ
يا صاحِبَيَّ تَقَصَّــــــــيا نَظَرَيكُما	تَرَيا وُجوهَ الأَرضِ كَيفَ تَصَوَّرُ
تَرَيا نَهاراً مُشمِــــــــساً قَد شابَهُ	زَهرُ الرُبا فَكَأَنَّــــــــما هُوَ مُقمِرُ

وهذه أبيات مليئة بالعاطفة القوية الخالصة من محض خياله وقلبه وشاعريته :

رُقادُكَ يا طَرفي عَلَيــــــــــكَ حَرامُ	فَخَلِّ دُموعاً فَيضـــــُهُنَّ سِجامُ
فَفي الدَمعِ إِطفــــــــــاءٌ لِنارِ صَبابَةٍ	لَها بَينَ أَثناءِ الضُـــلوعِ ضِرامُ
وَيا كَبِدي الحــَرّى الَّتي قَد تَصَدَّعَت	مِنَ الوَجدِ ذوبي ما عَلَيكِ مَلامُ
قَضَيتُ ذِمامــــــاً لِلهَوى كانَ واجِباً	عَلَيَّ وَلي أَيضاً عَلَــــــيهِ ذِمامُ
وَيا وَجــــــــهَ مَن ذَلَّت وُجوهٌ أَعِزَّةٌ	لَهُ وَسَطا عِزّاً فَلَــــــــيسَ يُرامُ
أَجِر مُستَجيراً في الهَوى بِكَ باسِطاً	إِلَيكَ يَدَيهِ وَالعُيونُ نِيــــــــــــامُ

من الأمثلة السابقة وجدت بأن أبا تمام شاعر طبع روحه وعواطفه وعقله وقلبه وحواسه في شعره ولم يهمل أياً منها ......... فجمع كل الأصناف ومن هنا تأتي أهمية الشعر بأنه يجمع كافة ألوان المجتمع العربي ويجمع كافة الناس وكافه قضاياهم باختلاف ألوانهم ومشاعرهم وآراءهم ...... lol!

موضوع: رد السبت فبراير 23, 2008 11:15 am

الموضوع شائك قليلا ويحتاج إلى فهم وتروي Shocked

إن أردت تستطيع أن تقرأ الروايات العالمية مثلا البؤساء لفيكتور هوغو فتشاهد بأن هكذا روايات تحمل أدب كاملا وفكرا شاملا لكل شيء عبر العصور فيتحدث فيها عن أحداث القصة ذاكرا في كثير من الأحيان أساطير الآلهة مثلا أو قصص عن ملوك وعن بلدان وجزر ربما هذا غير موجود في المعنى المجرد في الشعر العربي فكل أمة لها طريقة في التعبير عن آرائها و تخليد تاريخها

فمثلا ورد في أحد المساهمات عن الشاعر مارتن ألكسندر وللتعريف به هو

شاعر إنجليزي مقيم في هونج كونج, وُلِدَ في ليبيا وهو من أشدِّ المعجبين بالشعر العربي.

وهذه أحد قصائده التي أتيت بها مترجمة من أحد المواقع أرجو التمعن والتفكير ...

لم أفكر فيكِ

مارتن ألكسندر - المملكة المتحدة

ترجمة : سيد جودة - مصر

لم أفكرْ فيكِ طول اليومْ

حينما استيقظتْ

لم تكوني قطة ً كامشة ً

تحت عيوني الناعسة ْ

حينما الفجر تثاءبْ

في اصفرارْ

طارداً ظلاً رمادياً أخيراً للدجى

لم أتذكرْ شعركِ المصبوغ في لون العسلْ

ناشراً راية تبرٍ فوق كتفكْ

و إذا أبصرتُ شامة ْ

تحت أذن امرأة ٍ

لم أفكرْ فيك أو في شامتكْ

هذه الليلة ْ

لم يذكِّرنيَ نجمٌ روحَ عينيك المشعّة ْ

حيث ألقى مهجتي غارقة ً في النورْ

كل أفكاريَ صارتْ حرَّة ً منكْ

دون خيطٍ

وسط أشغالي يشدُّ القلب نحوكْ

قسماً

لم أفكرْ فيكِ يوماً باشتياقٍ زائدٍ

عن شوقيَ الآن إليكْ!

أما النص الأصلي باللغة الإنجليزية هو :

Not thinking of you

Martin Alexander - UK

I didn't think of you at all today:

As I awoke you were not catlike curled

Behind my sleeping eyes. When the yellow

Dawn yawned, dispelled the night's last shades of grey

I didn't think your honeyed hair unfurled

A flag of shouldered gold. And when, below

A woman's ear I saw, like yours, a mole,

I didn't think to think of you. Tonight

No star reminds me of your eyes' bright soul

Where I might find my own quite drowned in light.

My every thought's been free of you! No strings

To pull me back to you from busy things.

I haven't thought of you at all, I vow!

No more than I am thinking of you now.

لزيارة الموقع

اضغط هنا

وهذا ما أود التحدث عنه حيث إذا قارنا في شعره والشعر العربي الحديث لوجدنا نوعا ما عدة نقاط للاتصال بين الحضارات فدائما نتكلم عن صراع الحضارات أظن أن هنا يكمن تلاقيها وهيامها في شيء واحد هو الشعر رغم تعدد الثقافات واللغات وطرق الكتابة طبعا هنا الشاعر إنجليزي عبر عن أحاسيسه بثقافته الإنكليزية مثلما نحن نعبر بأسلوب ساحري وأظن الفرق تبقى في الوزن والقافية حسبما أعتقد..